أخطر المشاكل .. أن لا تعترف بوجود المشكلة أصلاً !
معظم المصابين بالسمنة – مثلاً – لا يعترفون بوجود مشكلة لديهم ، ولا يرغبون بإنقاص أوزانهم أو بذل أي جهد للحد من ازديادها .
ومعظم المدخنين يرفضون التخلي عن سجائرهم وانقطاع الود فيما بينهم وبينها ، وكأنها عزيز يخافون فقدانه !
وأولئك اللابدون وراء شاشات الكمبيوتر ، لا يفكرون في التحرك قليلاً من
ورائها ، وتحريك فقراتهم وأعضائهم في حركات بدنية تحرك الدم الخامل في
عروقهم !
أضف إلى ذلك تغاضينا عن سلوكيات الأبناء التي نهمل بوادرها ومضامينها .. ونتركها تستفحل .
هذا فضلاً عن الأوضاع العجيبة التي يعيشها الأزواج داخل جدران البيوت ،
رافضين فكرة الاعتراف بوجود مشكلة تواصل أو تفاهم بينهما ، مرددين أن " كل
البيوت فيها وفيها .. والحياة ماشية " !
الأمثلة كثيرة .. وكلها مؤسفة .. وعواقبها وخيمة .
من الطبيعي أن تُخلق المشاكل في حياتنا ، فهذه ضريبة لن ينجو منها حي
إلا من رحم ربي ، ولكن من الحُمق أن نتغاضى عن وجودها ، وأن نتركها تتراكم
، ندفن رؤوسنا في الرمل كي لا نراها ، فتمضي حياتنا ونحن متعايشون مع
تراكماتها.. بصحبة عجيبة !
يُخطىء من يتجاهل حل مشاكله أولاً بأول ، من لا يحاول إيجاد علاج لها ،
من لا يفعل كل ما في وسعه للتخلص منها وإقصائها عن حياته ، مستمتعاً بدور
الضحية ، ومستلذّاً بإحساس القهر والعجز الذي يولده الموقف ، والأخطر أن
يصبر على مشكلته معتقداً أن صبره وتعايشه معها إنما هو نوع من الإيمان
بالقضاء والقدر !
نعم هناك ابتلاءات من الله ، وهذا لا اختلاف فيه ، ولكن حتى مع أصعب
المواقف ابتلاء وضيقاً عليك أن تحاول وتجهد نفسك في البحث عن منفذ نور ،
عن فرجة أمل ، عن بارقة علاج ، فالركون إلى الأوضاع البائسة والتعايش معها
مهلكة على جميع الأصعدة لأنه سيراكمها ويعقدها .. إنه فخ يقتاتك ويقتل كل
شيء حي فيك .. فكيف تسمح له بالتمكّن منك وإحكام قبضته عليك ؟
المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، هذا مؤكد ، ثق بإيمانك بالله
أولاً ، وستجده عند حسن ظنك به ، استمد منه إيمانك بقدرتك على إيجاد
الحلول والخروج من عنق الزجاجة .
أن تكون ذئباً مقاتلاً أمام مشكلتك خير من أن تكون نعجة أمامها فتسهّل
عليها افتراسك .. ليتنا نتخذ من هذه العبارة مبدأ حياة ، نتعلم فنونه ،
ونعلمها لأجيالنا .. وستُكسبنا الكثير في الدنيا والآخرة .
هيام المفلح